الشرق الأوسط

استكشف الفصائل المسلحة التي تهاجم النظام في شمال سوريا: إنجازاتها وأهدافها!

قبل بدء هجوم الفصائل المسلحة في شمال ‍سوريا، فرض⁣ النظام ‍السوري وقواته ‌مشهداً عسكرياً على طول خطوط الجبهات وفي عمق المناطق⁣ الخارجة عن سيطرته. استخدم النظام⁣ طائرات⁢ مسيّرة⁤ انتحارية، بعضها ⁤كان يصيب الهدف بدقة ​بينما ‌كانت الأخرى ترمي القنابل والقذائف‌ من الجو.

في الوقت الذي⁢ كان يُنظر فيه ⁢إلى سلاح “المسيرات”​ كأداة لتحريف مسار الصراع على الأرض ومنح النظام وقواته العديد ⁢من المكاسب العسكرية،⁤ جاء هجوم الفصائل المسلحة ليعكس الصورة من خلال استخدام‌ سلاح ⁣مشابه لكنه “مضاد”.

منذ اليوم الأول للهجوم المستمر للفصائل حتى ⁣الآن، لعبت الطائرات‍ المسيرة التي استخدمتها دوراً كبيراً‍ في تقدم ⁣مقاتليها على الأرض، خاصة في ريف‌ حلب الغربي ​وصولًا إلى المدينة ⁢التي أصبحت تحت سيطرتها بالكامل.

تتبع الفصائل ذات السياسة العسكرية الآن في الهجوم الذي بدأته على ‍ثلاثة محاور، ​سعياً لدخول مدينة حماة وسط البلاد.

لم ⁤يسبق أن كشفت الفصائل وبينها “هيئة⁤ تحرير الشام”⁤ (النصرة ⁢سابقًا المصنفة على⁣ قوائم الإرهاب ‌الأميركية) عن امتلاكها لهذا السلاح بالفعل.‌ بينما‍ كانت تروج له سابقًا، أعلنت لأول مرة‌ الزج به في ‍ساحة المعركة ‌تحت اسم ‌”طائرات شاهين” و”كتائب شاهين”.

خلال ‌الأيام الماضية، نشرت ‌الفصائل‍ سلسلة تسجيلات مصورة وثقت من خلالها استخدام الطائرات المسيرة لاستهداف الدبابات‌ والنقاط العسكرية التابعة للنظام السوري. وأظهرت أخرى إلقاء طائرات من نوع ‍”شاهين” لقنابل على آليات عسكرية وثكنات.

وفي غضون ذلك،‌ كانت عملية إطلاق المسيرات ⁢تتم عبر طريقتين: باليد وعن طريق أجهزة تحكم عن بعد.

أنواع المسيرات وآلية الإطلاق

عندما يتعلق‌ الأمر ⁣باستخدام الطائرات المسيّرة ⁣(UAVs) من​ قبل…فصائل المسلحة في‌ شمال سوريا

“إن الأمر مثير للاهتمام للغاية،‌ حيث نرى أنهم يستخدمون مجموعة متنوعة جداً⁤ من الطائرات”، وفقاً للباحث⁤ فابيان هينز.

على سبيل المثال، يشرح هينز لموقع‍ “الحرة” ​أن الفصائل تستخدم طائرات ‍FPV المسيّرة ​بطريقة مشابهة جداً لاستخدامها في أوكرانيا.‌ كما توجد طائرات درون تجارية رباعية المراوح تُستخدم، وهو شيء شهدناه في⁤ العديد من النزاعات.

كما أن ‌هناك نوعاً من الطائرات الانتحارية التي​ يبدو أنها ‍صُنعت‌ داخل سوريا. ومع ذلك، يضيف الباحث⁣ في مجال الدفاع والتحليل العسكري في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية: “لا نعرف ما إذا كانوا قد‌ حصلوا على مساعدة⁤ خارجية ‍أم لا، لكن يبدو⁤ أن هناك جهداً‍ حقيقياً للتطوير المحلي ويظهر ذلك ​من⁢ التصميم”.

بحسب⁢ ما توثقه ​التسجيلات المصورة التي نشرتها الفصائل خلال الأيام الماضية، يبدو أن هناك عدة نسخ من الطائرات‌ التي تستخدمها.‍ وتعمل بعض النسخ بمحركات⁤ كهربائية ‍وأخرى بمحركات مكبسية. وعادةً ​ما تعمل طائرة مسيّرة من هذا النوع عن طريق وجود كاميرا ⁤في المقدمة⁤ مع رابط راديو‌ يسمح للمشغل ‍بتوجيهها، وفقاً للباحث.

ومن ناحية أخرى وعلى ⁤صعيد الإطلاق⁣ والتتبع، يوضح هينز أن الطائرات التي تمتلكها ‍الفصائل المسلحة يمكنها استخدام‌ نظام الملاحة عبر GPS مما يعني أنه لا حاجة لمشغل حيث تُوجه الطائرة إلى الهدف تلقائياً. ويمكن تنفيذ⁤ ما⁢ سبق على مسافات طويلة ‍جداً وقد رأينا هذا الأسلوب‌ يُستخدم في سوريا سابقاً لاستهداف⁤ قواعد جوية روسية‍ على سبيل المثال.

“سلاح مُنظم بمسارين”

ولم يسبق وأن استخدمت الفصائل المسلحة في شمال سوريا سلاح ​الطائرات⁢ المسيرة في أي عملية ⁣عسكرية سابقة⁤ أطلقتها ضد قوات ​النظام السوري.‌ بدأ النظام⁢ باستخدام هذا السلاح بشكل كبير مؤخراً⁣ مما أسفر عن مقتل مدنيين وعسكريين في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة شمال غرب البلاد.

ويرى الباحث الأمني ⁢في مركز ‌”حرمون للدراسات المعاصرة”،⁣ نوار شعبان، أن الطائرات ⁢المسيرة التي ‌تستخدمها الفصائل المسلحة “من الواضح أنها​ مجهزة بتقنية عالية”، وليست ‍تجارية ⁤وتم تعديلها لتحمل شحنات فقط.

ويشير ‌شعبان خلال حديثه لموقع “الحرة” إلى وجود⁣ أنواع انتحارية ​مجنحة وأخرى قادرة على ⁢إلقاء القذائف من الجو وقسم آخر مجهز‌ بكاميرات بينما يرافق‍ قسم ⁣ثالث طائرات مهمتها تصوير العمليات.

تشي طبيعة استخدام الطائرات المسيّرة والأهداف التي تضربها‍ بدقة عن وجود “تدريبات ضخمة وربما استمرت لأكثر‍ من عامين”، بحسب شعبان.

ويقول: “يبدو أن الانضباط ​في عمليات التدريب ضخم جداً،⁤ وهو ما⁣ نلاحظه في عملية‌ الكشف عنها التي لم تحدث إلا في ⁣اليوم الأول للهجوم الكبير الجاري الآن”.

وكان⁣ بإمكان الفصائل‍ المسلحة استخدام سلاح​ الطائرات المسيّرة للرد على النظام السوري عندما كان ‍يضرب مناطقها بالطائرات الانتحارية، لمدة تقارب العام.

ويضيف شعبان: “لكن⁣ يبدو أن‌ الكتائب المسؤولة‍ عن هذه الطائرات كانت تعد لعمل عسكري ‌وليس ‌ردعي.‍ بمعنى أن عامل السرية لعب دوراً كبيراً في نجاحها في الوقت الحالي”.

“الأمر​ الأكثر⁣ أهمية”

ولا ⁣يقتصر‍ استخدام الفصائل المسلحة ⁣للطائرات المسيّرة على ⁢خطوط‌ ومحاور ‌الهجوم التي تنفذها، بل وصل الأمر⁤ بها⁣ لإطلاقها إلى مسافات⁤ بعيدة، وهو الأمر الذي أكدته وسائل إعلام مقربة‌ من النظام السوري.

ويعتقد الباحث‌ هينز أن “الأمر​ الأكثر إثارة وأهمية هو أن لدى الفصائل المسلحة نوعاً واحداً من الطائرات المسيّرة التي يبدو أنها تعمل ‌بالطاقة الصاروخية. فهي لا تستخدم محرك مكبسي أو كهربائي أو حتى ​نفاث، بل فقط ​صاروخ”.

ووثقت⁢ إحدى التسجيلات المصورة هذا النوع من السلاح ‌(صاروخ بجناحين)، عندما بدأ الهجوم أولاً على⁣ قرى وبلدات ريف حلب الغربي.

ويوضح​ هينز ⁤أن “الطائرات المسيّرة التي تعمل بالطاقة الصاروخية (والتي ⁢تمتلكها الفصائل) هي مزيج بين طائرة مسيّرة وقنبلة انزلاقية”.

وربما يكون⁣ مداها قصيراً، ولكن سرعتها ستكون عالية جداً،⁣ ويمكن تحميلها‌ بحمولة كبيرة مقارنة بالطائرات ​المسيّرة الأخرى.

وفي بعض سيناريوهات المناطق الحضرية في سوريا، قد لا يكون ​المدى مهماً بقدر السرعة‍ والتأثير،⁢ بحسب ⁤الباحث.

ويتابع: “هذا المفهوم فريد جداً. وعندما تنظر إلى مفهوم فريد كهذا، يكون الأمر دائماً مثيراً للاهتمام بحد ⁣ذاته. ولكنه⁣ يعني أيضاً وجود جهد تطويري حيث تحاول الفصائل تجربة أشياء​ مختلفة⁢ وتختار طرق ⁢جديدة.”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى