إعادة الإعمار بعد الحروب: كيف يدعم المنتدى الحضري العالمي الإسكان في المدن المتضررة؟
كانت الأجواء مهيأة في القاعة التي عُقد فيها الحوار، حيث سبقتها جلسة صباحية مبكرة سلطت الضوء على إحدى الأزمات الحضرية: غزة. بحث الحوار ما هو أبعد من الأضرار المادية الناجمة عن الأزمات والصراعات والأحداث المناخية وركز على فقدان المنازل، وهي الأماكن المليئة بالذكريات والروابط المجتمعية.
قالت السيدة أناكلوديا روسباخ، المديرة التنفيذية لبرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية – الذي يعقد الدورة الثانية عشرة للمنتدى في القاهرة – للمشاركين: “عندما نتحدث عن البناء وإعادة الإعمار، فإننا لا نتحدث عن الإسكان فقط، بل نتحدث عن الدعم الاجتماعي والعمل مع المجتمعات المحلية لرؤية مستقبل ممكن”.
إسكان الناس بجوار منازلهم
ردد المشاركون هذه الرسالة طوال المناقشة وشددوا على الدور الحاسم لـ “الجهود المشتركة” لإعادة البناء والتعمير. وقال السيد سامي حجاوي، وزير الحكم المحلي في دولة فلسطين، في حديثه مع أخبار الأمم المتحدة إن “إعادة الإعمار لا يمكن أن تتحقق إلا من خلال الجهود المشتركة وضمان عمل منظم وممنهج حتى نتمكن من الاستفادة من التجارب السابقة وعدم تكرار أي أخطاء حدثت خلال الفترات السابقة”.
وتابع مؤكداً أنه من الضروري عند معالجة قضية إيواء الناس وإعادة الإعمار أن يتم إسكان الناس بجوار بلداتهم التي ستتم إعادة إعمارها. وذكر السيد حجاوي أن أعمال التنمية والتوسع الحضري مستمرة “على الرغم من الظروف الصعبة”.
وأضاف السيد حجاوي “نحن نعمل ونخطط ونبرمج ونقدم الخدمات لشعبنا ضمن الميزانيات المتاحة في هذه الأوقات الصعبة”.
النهج الشمولي في الصومال
تم تبادل العديد من الأفكار والخبرات حول الاستجابة للأزمة الحضرية، بما في ذلك في الصومال. وأفادت السيدة زهرة عبدي محمد، مديرة الحد من الفقر والحلول الدائمة في وزارة التخطيط الصومالية، لوكالة أخبار الأمم المتحدة بأن هناك بعض الأمثلة الجيدة جداً في الصومال.
وأضافت: “أحد المشاريع يسمى المشروع الدلالي. وهو يدمج قضايا الإسكان والأراضي والملكية مع الوصول إلى سبل العيش والخدمات الاجتماعية. نحن نسعى لضمان أن يكون الدعم المقدم للنازحين داخلياً شاملاً ومتكاملاً.”
ودعت إلى الانتقال من النهج الإنساني إلى النهج الإنمائي، مشددة على أهمية الخدمات الإنمائية المتكاملة للنازحين واللاجئين والعائدين. كما أكدت أن تنمية المناطق الريفية “ضرورية” لتشجيع الناس على العودة.
أزمة الدمار
وفقًا للسيدة جينيا غوبكينا، المهندسة المعمارية الأوكرانية التي تحدثت خلال الحوار حول فقدان الوطن، فإن وقف التدمير يعد أمرًا أساسيًا. وقالت لوكالة أخبار الأمم المتحدة: “لدينا أزمة هائلة ليست فقط في إعادة البناء وبناء أنواع جديدة من الهندسة المعمارية ولكن أولاً وقبل كل شيء في الدمار.”
وشددت على ضرورة أن تشمل المناقشة كيفية منع المعتدين من تدمير المنازل. وحذرت السيدة غوبكينا أنه إذا لم يحدث ذلك, “فسنبني وسيأتي المعتدي ويفكك ما بنيناه وهذا وضع صعب ومحبط للعالم بأسره”.
ظاهرة حضرية
الأستاذ سامح وهبة، المدير الإقليمي للتنمية المستدامة لأوروبا وآسيا الوسطى في البنك الدولي.
يوجد 117.3 مليون نازح حول العالم، وأصبحت المدن بشكل متزايد بؤرة للأزمات العالمية وأماكن لجوء للسكان النازحين، مما يخلق حاجة ملحة لإعادة التفكير في الاستجابة للأزمات الحضرية. وقال السيد سامح وهبة، المدير الإقليمي للتنمية المستدامة في أوروبا وآسيا الوسطى بالبنك الدولي، لأخبار الأمم المتحدة إن النزوح “ظاهرة حضرية” لأن غالبية النازحين بسبب المخاطر الطبيعية والصراعات يبحثون عن ملجأ في المدن.
وأوضح السيد وهبة أن الحل لهذه القضية هو توفير حلول متكاملة “للاجئين والنازحين داخليًا والنازحين قسريًا والمجتمعات المضيفة لهم. الشيء الثاني هو التفكير في الحلول القائمة على الأشخاص، ولكن أيضًا الحلول القائمة على المكان. لذلك عندما تفكر في الحلول القائمة على الناس، سواء كانت تحويلات نقدية أو قسائم إسكان لتمكينهم من الحصول على السكن، فإن الأمر يتعلق بمساعدتهم في الحصول على وظائف”.
اليوم الختامي
سيختتم المنتدى الحضري العالمي المنعقد في القاهرة يوم الجمعة بإطلاق نداء القاهرة للعمل، وهو واحد من الوثائق الختامية الثلاث للمنتدى العالمي الثاني عشر التي تجسد الرسائل الرئيسية الناتجة عن المنتدى.
في اليوم الأخير، ستتاح الفرصة للمندوبين للمشاركة في اجتماعات المائدة المستديرة للمجتمع المدني والأوساط الأكاديمية وغيرها من الفعاليات التي يقودها الشركاء. وسيحتفل الحفل الختامي بنتائج وإنجازات المنتدى الحضري العالمي الثاني عشر.
وسيتضمن الحفل ملاحظات من مسؤولين رفيعي المستوى بما في ذلك ممثلون عن موئل الأمم المتحدة وحكومة جمهورية مصر العربية وقادة الفكر بالإضافة إلى عروض إبداعية. سيسلط الضوء على اللحظات والأفكار الرئيسية التي شكلت المنتدى.
وسيختتم الحدث بالتسليم الرسمي إلى باكو بأذربيجان البلد المضيف للمنتدى العالمي الحضري الثالث عشر.