أكبر صندوق ثروة سيادي عالمي يهدد بسحب استثماراته من شركات تدعم إسرائيل في حرب غزة!
يتحرك المشهد السياسي في تونس وسط العديد من الاضطرابات والتغيرات، مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية المقررة في 6 أكتوبر، والتي ستقتصر على ثلاثة مرشحين فقط في أفضل الأحوال، وفقًا للهيئة العليا المستقلة للانتخابات.
وقد أعلنت الهيئة يوم الاثنين أن القائمة النهائية للمرشحين إلى الانتخابات الرئاسية تقتصر على 3 مرشحين، أبرزهم الرئيس قيس سعيّد، مستبعدةً 3 آخرين قبلت المحكمة الإدارية طعونهم.
ورفضت هيئة الانتخابات أحكامًا أصدرتها المحكمة الإدارية بإعادة 3 مرشحين بارزين إلى السباق الرئاسي، مما دفع أوساط المعارضة للاعتقاد بأن الانتخابات الرئاسية القادمة ستكون “عملية صورية” ومعروفة النتائج مسبقًا.
وأوضح رئيس الهيئة فاروق بو عسكر في مؤتمر صحفي أن الرئيس قيس سعيّد والعياشي زمال وزهير المغزاوي هم فقط المعتمدون نهائيًا للانتخابات الرئاسية بعد اعتماد ترشحهم في 10 أغسطس.
وشدد بو عسكر على أنه “تعذر الاطلاع على نسخ الأحكام الصادرة عن الجلسة العامة للمحكمة الإدارية خلال فترة 48 ساعة من تاريخ التصريح بها رغم مطالبة الهيئة بتلك الأحكام”، وفق التلفزيون التونسي الرسمي.
وكانت المحكمة الإدارية قد قضت بقبول ملفات ثلاثة مرشحين سبق وأن رفضت هيئة الانتخابات ترشحهم لعدم استكمال ملفاتهم. وهؤلاء الثلاثة هم الأمين العام لحزب العمل والإنجاز عبد اللطيف المكي (معارض)، والمنذر الزنايدي وهو وزير سابق في عهد الرئيس زين العابدين بن علي، وعماد الدايمي الذي شغل منصب مدير ديوان الرئيس الأسبق المنصف المرزوقي.
وفي هذا السياق، شدد المحامي والقيادي في حراك 25 جويليه (يوليو) حمد ركروكي في حديثه لموقع ”الحرة” أن “الاتهامات الموجهة للهيئة العليا بمحاباة الرئيس قيس سعيد أو الاستبعاد المتعمد لمنافسيه هي اتهامات جائرة ومردود عليها”.أكد ركروكي أن “الهيئة لم تتدخل في شؤون القضاء، بل طبقت القانون، خاصة فيما يتعلق بأحكام الدستور، واحترمت الشروط الشكلية الواجب توافرها في كل مترشح للانتخابات الرئاسية”.
وزاد: “وبمراجعة تلك الشروط اتضح أن بعض المترشحين قد اختل فيهم شرط جمع التزكيات، فمنهم من اشتراها ومنهم من دلسها. إضافة إلى أن المرشح عماد الدايمي قد جمع بين الجنسيتين التونسية والفرنسية وهو أمر يتنافى مع الشروط الشكلية للترشح”.
في سياق متصل، طالبت 26 منظمة تونسية ودولية وحوالي مئتي شخصية في بيان مشترك يوم السبت باحترام “التعددية” خلال الانتخابات الرئاسية المقررة في 6 أكتوبر. ودعت إلى تطبيق القرارات الإدارية لإعادة قبول المرشحين الذين رفضتهم السلطة الانتخابية في البداية.
ونوه ركروكي إلى أن المرشح عبد اللطيف المكي “له تتبعات جزائية، حيث قررت اليوم (الثلاثاء) الدائرة الاستئنافية لدى محكمة الاستئناف بتونس – الدائرة الجنحية تأجيل جلسات محاكمته إلى 10 ديسمبر. وبناءً على ما سبق أعتقد أن الهيئة العليا للانتخابات قد احترمت حسن تطبيق القانون وقد نظرت في جميع شروط ملفات الترشح، وبالتالي كانت قراراتها صائبة من حيث الواقع ومن حيث القانون”.
من جهته، اعتبر المحلل والباحث السياسي منجي الخضراوي في اتصال هاتفي مع موقع “الحرة” أن “المشكل في تونس رغم أنه يبدو قانونياً هو في عمقه سياسي. حيث من الواضح أن المحكمة الإدارية عندما تصدر أحكامها خلال ما يعرف باسم (الجلسة العامة القضائية)، فإن هذا الطور يكون غير قابل للطعن ويتم تنفيذه بدون القدرة على عرقلته”.
وتابع: “ولكن هيئة الانتخابات تعللت بأنها لم تتلق نسخة من الحكم رغم أن رئيسها قد علق على ذلك الحكم قبل يومين فقط مما يؤكد وصول نسخة منه إليه. ناهيك عن أن المحكمة الإدارية أصدرت بياناً أوضحت فيه للجميع أنها فعلاً أبلغت هيئة الانتخابات عقب نصف ساعة فقط من صدور الأحكام”.
وأضاف: “المشكلة هنا هي أنه رفض الخضوع لأحكام القضاء ورفض تطبيق القانون لا يعكس مصلحة البلاد”.عضلة قانونية، بل يعكس وجود أزمة سياسية لأن الدول الديمقراطية هي التي تخضع للقوانين وللسلطة القضائية، وهذا ما لم تفعله الهيئة العليا للانتخابات بكل أسف.
“في سياق الانقلاب”
وفي سياق متصل، اعتبر القيادي في حركة “مواطنون ضد الانقلاب” المعارضة، أحمد الغيلوفي، في حديثه إلى موقع “الحرة” أن “ما قامت به هيئة الانتخابات يندرج ضمن سياق انقلابي كامل بدأه (الرئيس قيس) سعيّد بإغلاق مجلس النواب وإعلان حالة الاستثناء (الطوارئ) ثم إلغاء الدستور وكتابة آخر على هواه، وإلغاء كل المؤسسات الدستورية، وتهديد القضاء وتحويله لمجرد قضاء تهديدات”.
وقال الغيلوفي إن “هيئة الانتخابات لا تخرج عن هذا السياق، فقد جرى طرد رئيسها السابق وتم تعيين رئيسها الحالي وهي الآن غير مستقلة وتابعة تمامًا لإرادة الحاكم المطلق الوحيد للبلاد”.
وتابع: “في سابقة لا علاقة لها بالقانون ترفض هيئة الانتخابات قرارات محكمة هي المرجع الإداري والقانوني الأعلى في سلم التقاضي، وهذا دليل على أننا خارج سياق دولة القانون وإزاء انتخابات صورية محسومة سلفًا”، على حد قوله.
وعلى ذات المنحى، قال المحلل السياسي حاتم النفطي في تصريح لوكالة فرانس برس إن قرار الهيئة “يعزز الانطباع بأن الانتخابات مؤمنة لصالح سعيّد الذي صار في طريق مفتوح. فقرار الهيئة العليا المستقلة للانتخابات يثبت أنه لم تعد هناك دولة قانون”.
وأضاف النفطي: “لقد تم للتو استبعاد المرشحين الذين يمكن أن يعيقوا سعيّد”.
وبالنسبة للباحثة في المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية إيزابيل فيرنفيلز قالت: “يمكننا القول إن هيئة الانتخابات قررت عمليًا نتيجة الانتخابات”.
وتابعت فيرنفيلز في تصريح لفرانس برس: “ما حدث مؤخرًا يدل على أن الإدارة أو جزءًا من الجهاز القضائي الخاضع لتأثير الرئيس (سعيّد) سيعرقل حملات منافسيه”، المغزاوي وزمال.
وأوقف الأمن التونسي فجر الاثنين العياشي زمال بشبهة “افتعال تزكيات” مواطنين ضرورية لاستكمال ملف الترشح وفق ما أفاد أحد أعضاء فريق حملته الانتخابية.
وفي المساء قررت النيابة العامة في منطقة منوبة بعد استجوابه إيداعه الحبس الاحتياطي لمدة 48 ساعة رفقة أحد أعضاء حملته الانتخابية.
والسبت دعت 26 منظمة تونسية ودولية وحوالي مئتي شخصية في بيان مشترك إلى تطبيق قرارات المحكمة الإدارية.لإعادة قبول المرشحين الذين رفضتهم هيئة الانتخابات، مشددين على أنها “ملزمة وغير قابلة للطعن”.
وحثّت العريضة التي وقعتها خصوصا “المفكرة القانونية” و”الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان”، الهيئة العليا المستقلة للانتخابات على تجنّب أي ممارسة تمس من “نزاهة الانتخابات وتعدديتها وشفافيتها”.
“وعد فأوفى”
وردا على ما سبق أوضح ركروكي أن “قائد المسار (الرئيس قيس سعيد)، وعد بتحديد موعد للانتخابات الرئاسية وقد أوفى بوعده، وقد جرى فتح أبواب الترشحات في موعدها، ولكن، ومع الأسف، المترشحون الذين تقدموا بطلبات ترشحهم لم يستوفوا الشروط الشكلية، وبالتالي استبعادهم لم يكن سياسيا بل كان قانونيا”.
وأردف: “ونحن كرجال قانون لم نر أو نشاهد أي تدخل لقيس سعيّد سواء في الجهاز القضائي أو في عمل الهيئة العليا للانتخابات، والتي أدت مهامها بكل شفافية”.
ونبه ركروكي إلى أن هيئة الانتخابات “كانت قد رفضت 20 ألف تزكية للرئيس قيس سعيد من أصل 264 ألف تزكية لعدم استكمالها الشروط الشكلية، وبالتالي لقد كانت الهيئة على مستوى طموح الشعب التونسي، وكانت محايدة في قراراتها”.
وأكد أن وجود “ثلاثة مرشحين فقط بغض النظر عن التهم التي يواجهها العياشي الزمال، لأنهم فقط هم من توفرت فيهم الشروط الشكلية للترشح. وسواء كان السباق يقتصر على ثلاثة أو اثنين فإن ذلك أمر لم يفرضه قيس سعيد بل يعود لأن المتنافسين لم يتأكدوا من توفر الشروط فيهم”.
وختم بالقول: “لا يعقل لمترشح لرئاسة البلاد أن يكون محل تتبعات جزائية أو يستغل الإرادة الشعبية من خلال شراء الذمم عن طريق المال أو أخذ المعطيات الشخصية للتحايل على رغبة الشعب.. وعليه كنا نتمنى وجود أكثر من ثلاثة متنافسين ولكن للأسف هذه الحصيلة الموجودة والشعب واع لهذه الظروف وسوف يشارك بالعرس الديمقراطي بكل سعادة”.
أما الغيلوفي فيصر على أن سعيد “قد أقصى كل المنافسين الجديين ولم يُبقِ إلا على اثنين يعرف أنهما لا وزن لهما شعبياً. ولذلك أعتقد أن هذه الانتخابات لا تُنتج أي شرعية سياسية وسنكون مستقبلاً حيال حكم الغلبة وسلطة الأمر الواقع”.