العلوم

أقدم سجل غير منقطع لمناخ الأرض يُستخرج من جليد القارة القطبية الجنوبية!

عينة ⁣ضخمة من نواة الجليد تم ​حفرها في القارة القطبية​ الجنوبية‍ قد تحتوي على أقدم‍ سجل غير متقطع لمناخ‍ الأرض، يمتد لأكثر من مليون ⁣سنة. إذا وضعت بشكل أفقي، فإن طول نواة الجليد بالكامل الذي يبلغ 2800 متر (9186 قدمًا) يمكن أن يمتد عبر جسر البوابة ⁢الذهبية في سان فرانسيسكو، وأكثر من ذلك.

كل مقطع بطول ‌متر واحد يحتوي على ما يصل ⁢إلى⁤ 13000 سنة من التاريخ العميق المضغوط،⁣ بما في ذلك فقاعات الهواء القديمة. معًا،⁢ توفر⁢ هذه⁣ الأدلة قاعدة أساسية لأزمتنا المناخية الحالية، وقد‍ تكشف المزيد عن أحداث تغير المناخ الشديدة الماضية التي هددت بقاء الإنسان.

يقول جولين ويستهوف، كبير العلماء الميدانيين لمشروع EPICA الأوروبي لحفر ⁢الجليد في القارة​ القطبية الجنوبية: “لدينا مؤشر قوي على أن أعلى 2480 مترًا تحتوي ​على ‍سجل ⁢مناخي يعود إلى 1.2 مليون ​سنة”.

لا يزال يتعين ⁤إجراء مزيد من التحليل، ولكن هناك احتمال أن الأجزاء الأعمق من الحفر قد​ تحتوي على جليد يعود ⁢إلى الفترة ما قبل الرباعي‌ قبل أكثر من⁤ 2.5 مليون سنة.

أقدم جليد​ تم اكتشافه حتى الآن في ‌القارة القطبية الجنوبية يعود تاريخه ⁤إلى 2.7 مليون سنة مضت، لكن تحركات ⁤الأرض دفعت هذا الجليد​ إلى منطقة ضحلة من‌ المواد المجمدة؛ لذا فإنه لا يوفر سجلاً مستمرًا للمناخ بل ⁢هو أشبه بلقطة سريعة.

سجل EPICA ‍السابق لأقدم نواة جليدية عمودية غطى حوالي آخر 740,000 عام⁢ وتم​ الحصول ‍عليه في عام 2004.

تعتبر نوى الجليد ‌ثمينة للعلماء لأنها تحتجز⁣ جسيمات ونظائر الماء وفقاعات الغازات الجوية مثل ثاني أكسيد الكربون والميثان. وهذا يسمح‌ للباحثين بإعادة بناء المناخات والبيئات عبر تاريخ كوكبنا.

الحفر الجديد في شرق القارة القطبية الجنوبية يغطي⁣ فترة زمنية ⁢عندما زادت دورات تجمد الأرض بشكل غير⁤ مفسر بين 900,000 و1.2 مليون سنة مضت.

يشك بعض العلماء أن ‌حوالي 99 بالمئة من⁢ البشر الأوائل في ⁣إفريقيا قد ⁢انقرضوا خلال هذه الفترة التي شهدت تقلبات شديدة البرودة؛ رغم أن هذه الفرضية لا ​تزال مثيرة‌ للجدل ⁢وتعتمد أساساً على بيانات وراثية حديثة.

يمكن لنواة الجليد الجديدة القادمة⁤ من القارة القطبية ⁣الجنوبية أن ‍تكشف المزيد عن تحولات المناخ⁢ للأرض خلال⁤ تلك الفترة الزمنية. ​ومن المحتمل أيضًا أنها ستؤكد مدى‍ انحراف⁣ الانبعاثات البشرية عن الدورات الطبيعية لتجمد الكوكب.

قال كارلو باربانتي، مدير مشروع EPICA:‍ “هذه الانتقالة ⁤تبقى لغزاً علمياً خاصة فيما يتعلق بدور الغازات الدفيئة وديناميات الصفائح الثلجية”.

وأضاف:⁣ “هذه‌ البيانات تساعدنا على فهم العلاقة المعقدة بين الغازات الدفيئة ودرجة‌ الحرارة العالمية⁢ عبر مئات الآلاف‍ من السنين وحتى الآن تصل إلى 1.2 مليون عام وآمل ​أبعد”.

موقع استخراج الحفر ⁣الأخير يسمى​ ليتل دوم سي (Little Dome C) في شرق القارة القطبية الجنوبية وقد تم اختياره ‍لأن ⁤المسوحات الرادارية كشفت عن وجود جليد سميك للغاية هنا مثل طبقات الكعكة مع قاع لم يذوب بعد.

على ‌ارتفاع يبلغ 3200 متر فوق مستوى سطح البحر – مرتفعاً فوق هضبة وسط القارة القطبية الجنوبية – تتراوح درجات حرارة الصيف عند ليتل دوم ⁢سي ⁢حول⁢ -35⁢ درجة مئوية (-31 درجة فهرنهايت)، وغالبًا⁤ ما تكون ⁣هناك سرعات رياح عالية يجب التعامل معها أيضًا.

كان لدى الباحثين في مشروع EPICA بما في‍ ذلك علماء来自 British⁣ Antarctic Survey عمل شاق ينتظرهم حيث‍ استغرق الأمر حوالي عشرين يومًا فقط لتوصيل جميع بنيتهم التحتية وشحناتهم إلى الموقع انطلاقاًَمن محطة بحث قريبة.

عندما بدأ الحفر أخيرًا ، كان نظام تحليل النظائر قادرًا على قراءة دورات التجمد والفترات بين التجمد تقريباً بشكل فوري بينما يتم استخراج كل قطعة صغيرة من نواة الجليد.
لهذا السبب يقوم العلماء بمشروع ‌EPICA بتقديم ادعاءات كبيرة جدًا مبكرًا جدًا أثناء تحليلهم.

اليوم ، تحتفظ صفائح الجليدية للقارة القطبية الجنوبية بـ90‌ بالمائة مما تبقى لدينا كجليدي كوكب الأرض . يمكن لحفرة مثل ⁣هذه مباشرةًمن جوفها ​الكشف عما حدث⁣ للقارة الأكثر جنوبا والتي⁣ احتفظت بمعظم مياهها العذبة⁣ .

قال ⁤عالم المناخ ريتشارد ‍آلى الذي ⁢لم يكن مشاركاً فى جهود ⁤الحفر الأخيرة⁢ لوكالة أسوشيتيد برس إن نواة الثلج الخاصة بمشروع EPICA كانت “رائعة حقا”. وتنبأ قائلاً: “سيكتشفون أشياء رائعة”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى