أعشاش الطيور المصنوعة من فطر سام: كيف تحمي نفسها من هجمات النمل!
عند بناء عش للطيور في أراضي النمل، قد تكون أفضل وسيلة للدفاع هي فطر هجومي.
تُدافع أشجار الأكاسيا ذات الأشواك المتورمة بشراسة من قبل عدة أنواع من النمل. ومع ذلك، تختار العديد من أنواع الطيور في أمريكا الوسطى وأفريقيا أن تعشش في هذه الأشجار. يبدو أن الألياف الفطرية الموجودة في الأعشاش تمنع النمل الذي يصادفها وتغير سلوكهم، مما يجعلهم يبدو وكأنهم متوترون ومخمورون، كما أفاد الباحثون في عدد أكتوبر من مجلة “سلوك الحيوان”.
تقول رايزا كورتيس-روماي، عالمة البيئة بجامعة مايور دي سان أندريس في لاباز، بوليفيا: “بدت لي غريبة جداً فكرة أن النمل لم يؤذِ الصغار”. “لذا بدأت أفكر من منظور الطائر: كيف يحقق ذلك؟”
العلاقة بين أشجار الأكاسيا ذات الأشواك المتورمة (Vachellia collinsii) والنمل هي علاقة تكافلية. يجمع النمل الرحيق من الأكاسيا ويختبئ داخل أشواكها بينما يقوم بدوريات حول الأشجار مثل حراس الأمن المبالغين، حيث يعضون ويلدغون الغزاة وحتى يقصّون أو يقتلون النباتات المتطفلة. قد يوفر النمل الحماية من مفترسات أخرى، لكن لم يكن واضحًا للباحثين كيف تبقي الطيور هؤلاء بعيدًا عن صغارها.
على مدار المناطق الاستوائية وشبه الاستوائية، تستخدم العديد من الطيور أعضاء فطرية تُعرف باسم “الريزومورف” لبناء أعشاشها. تتكون هذه الهياكل الشبيهة بالحبال من ملايين الخيوط الفطرية المنسوجة بكثافة والتي يستخدمها الفطر للبحث عن العناصر الغذائية. تنمو الريزومورف في مظلة الغابات المطيرة الاستوائية مكونة شبكات معقدة تلتقط الحطام الساقط من الأعلى. تشير الأبحاث السابقة إلى أن الطيور قد تستخدم الريزومورف لدعم أعشاشها القوي وخصائصه المضادة للبكتيريا ومقاومة الماء.
في حديقة بالو فردي الوطنية بكوستاريكا، تبني نوعان من الطيور التي تعيش غالبًا على أكاسيا ذات الأشواك المتورمة أعشاشهما تقريبًا بالكامل باستخدام ريزومورفات فطر الشعر (Marasmius) – ويبدو أنهما ينجحان في إبقاء النمل بعيداً. لذا وضعت كورتيس-روماي وعالمة البيئة السلوكية سابرينا أمار دورغاس بمعهد سميثسونيان للأبحاث الاستوائية ببالبوا ، بنما خيوطاً لفطر الشعر على أغصان 30 شجرة أكاسيا تسكنها نوع واحد فقط من نملة التكافل (Pseudomyrmex spinicola)، بالإضافة إلى ألياف نبات غير فطري مشابهة السماكة والنوع التي تستخدمها الطيور أيضًا لبناء الأعشاش. ثم قام الباحثون بتصوير ردود فعل النمل تجاه الخيوط المختلفة.
النمل الذي لمس الفطر كان ينظف نفسه ويتحرك بشكل أسرع أكثر مما فعل أولئك الذين لمسوا فقط ألياف النبات ، وهي تصرفات تشير إلى النفرة والقلق. كما لاحظ الباحثون بعض السلوكيات الشديدة التي لوحظت تقريبًا حصريًا بعد الاتصال بالفطر ، بما في ذلك عضّ نمال آخرين والدوران والتجول بلا هدف وبشكل غير متوقع . هذا “المشي المخمور” يشبه العمال المصابين بفطر الزومبي Ophiocordyceps ويشير إلى أن النمل قد يكون مشوشاً أو تناول سموم .
تقول كورتيس-روماي: “في المرة الأولى التي رأينا فيها هذه التصرفات ، اندهشنا”. “هذا النوع عدواني للغاية . لرؤية شيء يؤثر عليهم كان حقاً اكتشافاً.”
بعض النتائج تقدم دعماً قوياً لفكرة أن هذه الفطور ضارة بالنمال ، تقول فران بونيير ، عالمة البيئة السلوكية بجامعة كوينز في كينجستون بكندا . لكن الطيور تستخدم نفس الريزومات على الأشجار الخالية أيضاًمنالنمال مما يشير إلى أنها يمكن أيضاً أن تستفيد الأعشاش بطرق أخرى .
على الأقل 176 نوعاًَمنالطيوروستخدمالفطورالرزموريةفيأعشاشهاممّايدفعالباحثينإلىإيجادأدلةتشيرإلىأنالرزموراتقدتوفربعضالدفاعاتالكيميائيةكمايقول تود إليوت عالم الأحياء بجامعة نيو إنجلاند بأرميديل بأستراليا . “هذا يثير العديدمن الأسئلةحول الكيمياء لما يتم إطلاقه وما إذا كانت خاصة بهذا النوع وهذا الفطر أم إذا كانت حالات مماثلة تحدثفيأنظمة بيئية أخرى حول العالم.”